علم و تكنولوجيا

دراسة جينية حديثة تفك لغز موت جيش نابليون في طريق العودة من موسكو

تعبيرية (UrKish)

أظهرت دراسة جينية أن آلاف الجنود الفرنسيين الذين لقوا حتفهم خلال انسحاب جيش نابليون بونابرت من روسيا عام 1812 لم يموتوا فقط بسبب البرد القارس أو الجوع، بل أيضا نتيجة تفشي أوبئة قاتلة لم تكن معروفة من قبل في تلك الحملة.

الدراسة التي نُشرت هذا الأسبوع، أُجريت على بقايا 13 جنديا فرنسيا تم العثور عليهم في مقبرة جماعية بمدينة فيلنيوس في ليتوانيا وهي إحدى المدن التي مر بها جيش نابليون أثناء تراجعه المأساوي من موسكو. استخدم الباحثون تقنيات متقدمة لتحليل الحمض النووي المستخرج من أسنان الجنود لتحديد مسببات الأمراض التي أصابتهم قبل وفاتهم.

النتائج كشفت عن وجود نوعين من البكتيريا القاتلة: الأولى مسؤولة عن حمى الباراتيفوئيد والثانية عن الحمى المتكررة المنقولة عن طريق القمل. هذه العدوى كانت كفيلة بإضعاف الجنود المنهكين أصلا بسبب الجوع والتعب والبرد ما أدى إلى انهيار صحتهم وموت عدد كبير منهم في وقت قصير.

وقال الدكتور نيكولا راسكوفان، الباحث بمعهد باستور في باريس ورئيس الفريق العلمي، إن “الجنود الذين وصلوا إلى فيلنيوس كانوا في حالة مأساوية. كثير منهم فقدوا قوتهم وأصيبوا بالحمى والإسهال والهلوسة قبل أن يموتوا خلال أيام ثم دُفنوا في مقابر جماعية دون أي طقوس عسكرية”.

وأشار التقرير إلى أن أربعة من بين العينات أظهرت إصابة بحمى الباراتيفوئيد بينما أُصيبت عينتان بالحمى المتكررة. كما أكد الباحثون أن هذه النتائج تتوافق مع الروايات التاريخية التي تحدثت عن تفشي أمراض غامضة في صفوف الجيش الفرنسي أثناء انسحابه.

وفي دراسة سابقة عام 2006، كشف تحليل مماثل لرفات 35 جنديا من نفس المقبرة عن وجود بكتيريا مرتبطة بالحمى التيفوسية وحمى الخنادق وهما مرضان ينتشران في البيئات المزدحمة وغير الصحية. إلا أن الدراسة الجديدة لم تؤكد وجود تلك الأمراض مما يشير إلى أن جيش نابليون واجه موجات متعددة من العدوى خلال الحملة الروسية.

ووفقا للباحثين، فإن استخدام تقنيات الحمض النووي القديمة أتاح فهما أدق لتاريخ الأوبئة التي ضربت الجيوش في القرن التاسع عشر. وقال راسكوفان: “تحليل الحمض النووي من بقايا الجنود يسمح لنا بتحديد الميكروبات التي كانت مسؤولة عن موتهم ويمنحنا صورة أكثر واقعية عن الظروف الصحية الكارثية التي عاشوها”.

يُذكر أن جيش نابليون دخل روسيا عام 1812 بأكثر من 600 ألف جندي ولم يعد إلى فرنسا سوى أقل من 100 ألف. وقد عُرف انسحاب نابليون من موسكو بأنه أحد أكثر الأحداث مأساوية في التاريخ العسكري الأوروبي.

تُظهر هذه النتائج أن مأساة جيش نابليون لم تكن فقط فشلا عسكريا بل كارثة إنسانية شاركت فيها قسوة الطقس وسوء الإمدادات وانتشار الأوبئة القاتلة التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الجنود في طريق العودة.

Web Desk

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى