
يشهد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي نموا سريعا في مختلف مجالات الحياة الرقمية مصاحبا بفوائد واسعة لملايين المستخدمين لكنه يطرح تحديات صحية وقانونية ملموسة. أشارت تقارير حديثة إلى أن التفاعل الطويل مع روبوتات الدردشة قد يولد لدى بعض الأفراد اعتمادا عاطفيا غير طبيعي وأفكارا وهمية خصوصا لدى من لديهم ميول نفسية سابقة.
لاحظ الباحثون زيادة ملحوظة في حالات الارتباط العاطفي بالذكاء الاصطناعي خلال العام الحالي وهو ما أطلق عليه بعض الخبراء “التفكير الوهمي المرتبط بالذكاء الاصطناعي”. فالي رايت، مديرة الابتكار في الجمعية الأمريكية لعلم النفس، أشارت إلى أن بعض المستخدمين يطورون معتقدات هذيانية أو تآمرية بعد تفاعل طويل مع نماذج المحادثة الذكية بما يطرح مخاطر على الصحة النفسية، وفق ما نشرته صحيفة “Los Angeles Times“.
على الصعيد القانوني، رفعت سبع أسر في الولايات المتحدة وكندا دعاوى ضد شركة “أوبن أيه آي” متهمة الشركة بعدم توفير ضوابط أمان كافية عند إطلاق نموذج “شات جي بي تي-4”. وذكرت الدعوى أن التفاعل المطوّل مع الروبوتات أدى إلى حالات عزلة واضطرابات نفسية وظهور أفكار انتحارية وصولا إلى حالات وفاة في بعض الحالات.
تركزت إحدى القضايا على الشاب زين شامبلين (23 عاما) الذي بدأ استخدام النموذج لأغراض دراسية ثم لجأ إليه لمناقشة اكتئابه وأفكاره الانتحارية لتتحول المحادثة إلى ما سمتها أسرته “دردشة موت” تضمنت محتوى عاطفيا مفرطا وغير مناسب لحالة نفسية هشة.
من جانبها، قالت “أوبن أيه آي” إنها طورت آليات حماية إضافية تشمل الإشراف الأبوي وروابط مباشرة لخطوط الدعم النفسي وتدريب النماذج على التعرف إلى علامات الاضطراب العاطفي. وأوضحت الشركة أن الحالات الخطرة نادرة لكنها أكدت أن الأفراد الأكثر ميلا للعلاقات العاطفية مع الذكاء الاصطناعي هم الأكثر عرضة للتأثر النفسي.
ويشير الخبراء إلى أن هذه الظاهرة لم تُدرس علميا بالشكل الكافي وأن البيانات الدقيقة حول حجم المشكلة محفوظة لدى شركات الذكاء الاصطناعي. معظم المتأثرين لديهم تاريخ من الاضطرابات النفسية يزيد من هشاشتهم. كيفين فرايزر، متخصص في قانون وسياسات الذكاء الاصطناعي بجامعة تكساس، حذر من تضخيم الظاهرة مشيرا إلى أن “القصص الفردية المأساوية لا تعكس الاستخدام الآمن لمئات الملايين من المستخدمين”.
ومع استمرار انتشار هذه التقنيات، قالت “أوبن أيه آي” إن نموذج GPT-5 يعتمد استجابات منطقية وغير عاطفية عند الكشف عن علامات اضطراب شديد ويتجنب تعزيز المعتقدات الوهمية. وشدد الخبراء على أن الوقاية تعتمد على وعي المستخدم مؤكّدين أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الدعم النفسي المتخصص أو العلاقات الإنسانية الحقيقية.
Web Desk




