
رويترز – مع استمرار النزاع في غزة وأوكرانيا، يتحول تركيز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو الملف الإيراني في محاولة لاحتواء البرنامج النووي لطهران وسط توقعات منخفضة بإمكانية تحقيق انفراجة قريبة.
وتستعد الإدارة الأمريكية لعقد جولة ثانية من المحادثات مع إيران، السبت المقبل في العاصمة الإيطالية روما في خطوة مفاجئة بعد سنوات من العداء العميق، بدأت منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 خلال ولايته الأولى وفرضه حملة عقوبات صارمة ضمن ما سماه “الضغط الأقصى“.
ورغم أجواء إيجابية سادت الاجتماع الأول بين الجانبين في عمان الأسبوع الماضي، لا يعوّل المراقبون على نتائج سريعة. وكشف مصدر مطّلع على نقاشات داخل البيت الأبيض أن الحديث لا يزال في مراحله الأولية بشأن إطار محتمل لاتفاق مع احتمالية التوصل إلى اتفاق مؤقت قبل وضع التفاصيل النهائية.
ويزيد من تعقيد الوضع تهديدات ترامب المتكررة باستخدام الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية رغم تأكيده مؤخرًا أن “المفاوضات هي الخيار الأول“.
وقال ترامب في لقاء بالبيت الأبيض مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني: “إذا كان هناك خيار ثانٍ فسيكون سيئًا جدًا لإيران. أعتقد أنهم يريدون التفاوض وآمل أن يكون ذلك صحيحًا”.
يقود الوفد الأمريكي المفاوض ستيف ويتكوف صديق ترامب والمستثمر العقاري والذي لا يملك خبرة دبلوماسية لكنه يتمتع بخط مباشر مع الرئيس ما يمنحه وزنه في المفاوضات. ومع ذلك فإن اختيار ويتكوف أثار انتقادات خاصة مع تكليفه بالتعامل في آنٍ واحد مع ملفات إيران وأوكرانيا وغزة.
ويقابل ويتكوف في طاولة المفاوضات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أحد أبرز المفاوضين الإيرانيين والذي يرى فيه دبلوماسيون غربيون شخصية قد تستغل قلة خبرة الجانب الأمريكي.
ويقول جوناثان بانيكوف المسؤول السابق في الاستخبارات القومية الأمريكية: إن “الجمع بين هذه الملفات يمثل تحديًا هائلًا وملف إيران تحديدًا يتطلب معرفة دقيقة بالتفاصيل التقنية والجيوسياسية المعقدة”.
زاد الغموض حول الموقف الأمريكي بعد تصريحات متضاربة من ويتكوف. ففي حديث لصحيفة “وول ستريت جورنال” أشار إلى أن “الخط الأحمر” يتمثل في “تحويل البرنامج النووي إلى سلاح” ما اعتبر تراجعًا عن مطلب ترامب السابق بتفكيك كامل للبرنامج. ثم عاد وأشار في مقابلة مع “فوكس نيوز” إلى إمكانية السماح لإيران بتخصيب محدود لليورانيوم تحت رقابة صارمة قبل أن يتراجع مجددًا عبر منشور على “إكس” ويطالب بإلغاء التخصيب تمامًا.
ورد وزير الخارجية الإيراني بالتأكيد أن “الحق في التخصيب غير قابل للتفاوض” معبّرًا عن شكوك طهران في نوايا واشنطن رغم تأثر الاقتصاد الإيراني بالعقوبات الأمريكية.
وأثار إعلان ترامب استئناف الحوار مع إيران قلقًا لدى إسرائيل حيث دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى اتفاق على غرار النموذج الليبي لنزع السلاح عام 2003 وهو ما ترفضه طهران. في المقابل، تأمل دول الخليج في استمرار المحادثات لكنها تخشى من تصعيد جديد قد يهدد استقرار المنطقة، وفق مصادر دبلوماسية خليجية.
وفي ظل تعثر المساعي الأمريكية لإنهاء الحربين في غزة وأوكرانيا، يرى بعض المحللين أن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران رغم صعوبته قد يكون الخيار الدبلوماسي الأكثر واقعية.
وتقول لورا بلومنفيلد المحللة السياسية في جامعة جونز هوبكنز: “بخلاف غزة وأوكرانيا، تمتلك الولايات المتحدة قدرة مباشرة على التأثير في الملف النووي الإيراني وهناك رغبة مشتركة من الطرفين لتقليل التوتر”.
Web Desk