
وكالات – في مثل هذا اليوم من عام 1945، وقّعت 80 دولة في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية ميثاق الأمم المتحدة أملا في “إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب”. وبعد مرور 80 عاما، ما زال هذا الميثاق يمثل المرجعية الأساسية للعلاقات الدولية رغم ما تعرّض له من انتهاكات متكررة وعجز المجتمع الدولي عن فرض احترامه.
وفي تصريحات حديثة، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن “الميثاق ليس مجرد حبر على ورق بل هو وعد بالسلام والكرامة والتعاون بين الأمم” مشددا على أهمية التمسك بمبادئه في ظل عالم تتزايد فيه النزاعات والأزمات.
جاء توقيع الميثاق بعد سلسلة من الاتفاقات بين الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية وتمت صياغته في مؤتمر سان فرانسيسكو بين أبريل ويونيو 1945 ووقّعته حينها 50 دولة.
وبعد المصادقة عليه من القوى الكبرى، باتت الأمم المتحدة كيانا رسميا في 24 أكتوبر من العام نفسه بعضوية 51 دولة. واليوم، يضمّ الكيان 193 دولة، بينما لا تزال الدول الخمس الكبرى تملك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.
يتكوّن الميثاق من 19 فصلا و111 مادة تحدد أهداف المنظمة ومبادئها، من أبرزها حل النزاعات سلميا واحترام سيادة الدول وحقوق الإنسان. ويمنح الفصل السابع مجلس الأمن الدولي صلاحية فرض العقوبات بل واستخدام القوة العسكرية في حال تهديد السلم العالمي.
رغم قوة الميثاق نظريا، إلا أن العقود الماضية شهدت العديد من الانتهاكات الصارخة له. وغالبا ما تختلف الدول في تفسير النصوص خاصة في قضايا مثل “حق الشعوب في تقرير المصير” مقابل “عدم التدخل” أو “الدفاع المشروع” ضد “العدوان”.
وكان أحدث هذه التباينات ما شهدته الساحة الدولية من اتهامات متبادلة بين إيران والولايات المتحدة بعد قصف أمريكي طال منشآت نووية إيرانية إذ اعتبرته طهران انتهاكا للميثاق، بينما بررت واشنطن الهجوم بأنه “دفاع جماعي مشروع”.
وفي السياق ذاته، لا يزال غزو العراق عام 2003 والحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، يثيران جدلا قانونيا واسعا. وقد وصف الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان غزو العراق بأنه “غير قانوني” فيما دانت الجمعية العامة غزو أوكرانيا رغم عجز مجلس الأمن عن اتخاذ موقف بسبب الفيتو الروسي.
ورغم أن المادة السادسة من الميثاق تسمح بفصل الدول التي تنتهك مبادئ الأمم المتحدة إلا أنه لم يُطرد أي عضو منذ التأسيس. وكانت الحالة الوحيدة المماثلة عام 1974 حين تم تعليق عضوية جنوب إفريقيا في الجمعية العامة بسبب سياسة الفصل العنصري.
ثمانون عاما مرّت على توقيع ميثاق الأمم المتحدة وما زال هذا النص التاريخي يمثل حجر الأساس للنظام الدولي الحديث إلا أن غياب آليات فعالة للمحاسبة واستمرار التفسيرات المتباينة يطرحان تساؤلات جدية حول فعالية الميثاق وقدرته على تحقيق أهدافه في عالم متغيّر.
Web Desk