اقتصاد

مخاوف المستثمرين من تصاعد الصراع في الشرق الأوسط: هل تنهار الثقة في الدولار؟

تعبيرية (brandsynario)

وكالات – في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، يراقب المستثمرون عن كثب مسار الصراع واحتمالات انخراط الولايات المتحدة فيه عسكريا وسط مخاوف متزايدة من تداعيات اقتصادية قد تعصف بالاستقرار المالي العالمي.

ورغم أن الأسواق المالية الكبرى لم تُظهر حتى الآن علامات ذعر واضحة، فإن القلق يتزايد بشأن سيناريوهات قد تدفع بأسعار الطاقة إلى مستويات غير مسبوقة وتُشعل التضخم مجددا وتعيد رسم ملامح النظام النقدي الدولي.

النفط في الصدارة… والأسواق تترقب
خلال الأسبوع الماضي، قفزت أسعار النفط الأمريكي بنحو 10% مدفوعة بمخاوف من تعطل الإمدادات في حال توسعت رقعة المواجهة بين إيران وإسرائيل لتشمل منشآت الطاقة الحيوية. وتزامن هذا الارتفاع مع ثبات نسبي في مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” ما يشير إلى أن التوترات الجيوسياسية لم تُترجم بعد إلى رد فعل عنيف في أسواق الأسهم.

لكن الخطر الحقيقي – بحسب محللين – يكمن في احتمالية انقطاع الصادرات الإيرانية بالكامل أو الأسوأ: إغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية.

مؤسسة “أوكسفورد إيكونوميكس” وضعت ثلاثة سيناريوهات رئيسية لتطور الصراع، تتراوح بين التهدئة إلى التصعيد الكامل. وفي السيناريو الأسوأ، قد تقفز أسعار النفط إلى 130 دولارا للبرميل ما قد يرفع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 6% مع نهاية العام ويُجهض أي أمل في خفض أسعار الفائدة خلال 2025.

أسواق الأسهم: بين التحمل والمفاجآت
رغم الصعود الحاد في أسعار النفط، أبدت الأسهم الأمريكية مقاومة ملحوظة حتى الآن مدفوعة بثقة نسبية في قدرة الاقتصاد الأمريكي على امتصاص الصدمات. لكن التاريخ يعطينا إشارات معاكسة: ففي أحداث مثل غزو العراق عام 2003 والهجمات على منشآت النفط السعودية عام 2019، تراجعت الأسهم في البداية ثم تعافت خلال الأشهر التالية.

تشير بيانات “ويدبوش سيكيوريتيز” إلى أن مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” انخفض بمتوسط 0.3% خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من اندلاع النزاعات الكبرى لكنه ارتفع لاحقا بمتوسط 2.3% بعد شهرين. ومع ذلك، فإن أي تدخل عسكري أمريكي مباشر قد يُحدث “صدمة أولية” في الأسواق خاصة إذا رافقه ارتفاع حاد في أسعار الطاقة.

الدولار تحت الضغط رغم دوره كملاذ آمن
على الرغم من أن الدولار الأمريكي يُعد عادة ملاذا آمنا في أوقات الأزمات، فإن التطورات الجيوسياسية الأخيرة قد تُلقي بظلالها على مكانته. فمع تصاعد استخدام الدولار كسلاح اقتصادي في العقوبات، تتزايد دعوات الانفكاك عنه خاصة في آسيا وإفريقيا.

ويقول تييري ويزمان محلل العملات في “ماكواري”: إن الأسواق قد تفضل الدولار على المدى القصير، لكنها ستبدأ لاحقًا في تسعير الخطر المتمثل في تورط أمريكي طويل الأمد في صراع جديد بالشرق الأوسط مع ما يحمله من ضغوط مالية وجيوسياسية.

الذهب يعود إلى الواجهة… والبنوك المركزية تتحرك
في تحول استراتيجي يعكس تغير المزاج النقدي العالمي، أظهرت بيانات حديثة أن 95% من البنوك المركزية تخطط لشراء الذهب خلال الأشهر الـ12 المقبلة، وفقا لاستطلاع أجراه مجلس الذهب العالمي.

ويُعزى هذا التوجه إلى تراجع الثقة في الدولار وارتفاع المخاطر الجيوسياسية والرغبة في تحصين الاحتياطيات النقدية بعيدًا عن هيمنة الغرب.

قفزت أسعار الذهب بأكثر من 30% منذ بداية العام لتتجاوز حاجز 3400 دولار للأونصة مدفوعة بقرارات سيادية – لا مضاربات فردية – في دول مثل الهند ونيجيريا التي بدأت في استعادة احتياطاتها الذهبية من الخارج وتخزينها محليا.

هل يتغير شكل النظام النقدي العالمي؟
التحولات الجارية في أسواق المال والعملات تُشير إلى أن العالم على أعتاب مرحلة جديدة قد تتراجع فيها هيمنة الدولار لصالح نظام أكثر تنوعا، تُشكّل فيه المعادن الثمينة – وعلى رأسها الذهب – دعامة الثقة الأولى.

قد لا تكون هذه بداية النهاية للدولار لكنها دون شك نهاية “الاطمئنان المطلق” إليه كعملة احتياط عالمية. وبينما تنشغل واشنطن في حسابات الحرب والسلام، يبدو أن كثيرا من عواصم العالم بدأت في كتابة فصل جديد… بمداد من ذهب.

Web Desk

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء تعطيل حاجب الإعلانات للاستمرار في استخدام موقعنا